Saturday, June 30, 2012

شتاء 3

دفعت الحساب ،
خرجت من المقهى ،
أشعر بجناحى يأخذاننى إليها فى لهفة ،
حتى أننى أعطيتها المفتاح ،
أشعر بأن طريق طوله بضعة خطوات ، طويل جداً بالنسبة لى ،
أراها بوضوح الآن داخل سيارتى ،
صوت المذياع عال جداً ،
Hotel California ،
إنها أغنيتى المفضلة ،
جلست لورا قبالة المقود ،
- تعال ، مكانك فى هذا الكرسى ، أنا من ستقود اليوم 
- يبدو أنها ستكون أكثر من توصيلة !
- نعم يا موستــــــا !
قالتها بضحك و نبرة مرحة ،
لا أتذكر أننا ذهبنا إلى مكان محدد 
كل ما أذكره أنها كانت تقود بسرعة جنونية ، 
ظللنا نسرع محاطان بجنان بيضاء ،
تصادقنا على نجوم الليل ،
و تصالحنا مع سواده ،
تكلمت معها كما لم أتكلم مع أحد من قبل ،
كانت نزهة سيريالية ..
حكايات كثيرة ،
مواقف عسيرة ،
و كلمات رقيقة ..
تخللت قلبى و استقرت به 
حتى صارقلبى يضخها مع الدم ،
إنها حلوة بمعنى الكلمة ،
و حتى قامتها القصيرة لم تشكل عائقاً أمام قيادتها للسيارة بمنتهى القوة !
إصرار ،
قوة ،
قصة طويلة ،
كانت تلك هى الكلمات التى قرأتها فى عينيها ! (يتبع)

Tuesday, June 19, 2012

شتاء 2

سأنهض عن الطاولة حين أراها تدفع اليوروهات المعتادة
سأنهض و أتجه نحوها فى هدوء
لن يشكل رفضها للتوصيلة مشكلة بالنسبة لى
يكفى فقط أن أرى عينيها تنتبهان لى
يكفى أن تتلامس يدانا وقت التعارف
و يكفينى أن أسمع اسمى من بين شفتيها الورديتين
يبدو أن الوقت قد حان
خطوة
الثانية
و السادسة ،
مرحباً يا آنسة
أنا أردت فقط أن أعرض عليك توصيلة فى هذا البرد
أرجو ألا تكونى قد انزعجتى من قدومى
آسف ..
لم أعرفك بنفسى ،
أنا جمال
مصطفى جمال
هى: أعرف ، أعرف اسمك جيداً
بل إنى تمرنت على نطقه مراراً و تكراراً
كما تعلم ، إنه من الصعب نطق حرف الصاد ،
و صافحتنى !
و شعرت بكائنات تجرى فى رأسى
تصرخ بكلمتين : يــــــــــــــــاس لورا !
لورا ...
يا الله عليها ،
و كأن كلمة فلورا مشتقة من اسمها
و مأخوذة عن جمالها !
حسناً لورا ..
دعينا نرتدى المعاطف
اسبقينى ، سأدفع الحساب و آتى
سيارتى بيضاء ، تبعد أربعة أمتار عن المقهى
انتظرينى .. 

Monday, June 18, 2012

شتاء

بيانو ، 
شاى توت أحمر ،
أبليكات نور ذهبى خافت ,
عازف بوق ينضم بنبرة رومانسة لصوت البيانو ,
كراسى المقهى مصنوعة من جلد بنى فاخر ،
و الطاولات دائرية ضيقة تكفى المشروبات و الأيادى المشبوكة ،
أعرف شكلها جيداً 
اسمها 
أين تسكن 
ماذا تدرس 
و من أى بلد غريب تأتى 
أنا لاأراقبها ، أنا فقط أعرفها 
لونها المفضل 
تسريحة شعرها العادية 
و مقاس قدمها 
و مؤخراً كنت أخمن مقاس اصبعها 
أنا متأكد أنه 16 .. 
علاقتنا لم تتعد حد الابتسامات منذ ثلاث سنوات 
نجلس هنا يوم الأحد من الثامنة للتاسعة 
و رغم عراضة ابتسامتها فهى لم تلق التحية يوماً 
أتذكر أنها جاءت مع شاب فى أحد الأيام الباردة 
كانت تساعده فى بعض الدروس 
كان معجباً بها و كان طلبه المساعدة منها ماهو إلا حجة بالية للتقرب منها 
كان واضحاً أنه يتعمد ملامستها برقة أثناء الدرس 
أتذكر بوضوح أنها لم تستجب لملاطفاته 
و لم أراهما سوياً بعدها 
و لا أستطيع انكار سعادتى بهذا 
ربما كنت معتوهاً أو أحتاج لطبيب نفسى 
لكن هذا لن يستطيع وقف نوبات حبى و اشتياقى إليها 
الآن الساعة تقترب من الثامنة و النصف 
سترشف الرشفة الأخيرة من الكابتشينو 
ثم ستطلب قطعة من تارت الكريمة البيضاء بالفراولة 
فى أيام الصيف تستبدل التارت بالوافل الأمريكى 
كما تتغير تسريحة شعرها فى أيام رأس السنة 
فأراها ترفعه و تترك بعض الخصلات الكستنائية اللامعة تتدلى منه 
و أحياناً تثبت مشابك صغيرة على هيئة فراشات 
على كل حال لقد قررت أن أكلمها اليوم 
سأسألها عن حالها و إن كانت تحتاج إلى توصيلة فى هذا البرد .. (يتبع)

Wednesday, June 6, 2012

حبنا وطن

(هو)
ذاهب أنا إلى بلاد عامرة حافلة 
تارك أنا ورائى مزيكا العود 
و سنوات يسهل عدها بالعقود 
صرختها لحظة رحيلى 
داعبت لى غرورى 
تركت لها جرامافون عتيق 
عهدنا أن نرقص على اسطواناته 
فى ليالى السمر و احتفالاته 
أيام داوود و راشيل و نينا و جاك 
قبل الثورات و الصولات و الجولات 
قبل الجمهورية العبودية 
و نظم الرأس مالية 
حبيبتى ، أرى جمال أصابعك المتشبثة بقميصى 
و أرى انعكاس صورتى فى عينيك البراقتان 
لطالما وجدت فيك جمالاً و أنت غاضبة 
شعاعك يخترقنى و يشل إرادتى 
أرجوك ، رافقينى إلى بلاد الحرية 
دعينا نهرب سوياً 
لربما نلتقى براشيل و نينا مجدداً ؟
لقد ولت سنوات السعادة و لن ترجع 
رافقينى ، لن نفترق و لن ننشق 
الحرية و العدالة الإجتماعية ينتظرانا 
موسيقى الجاز و البوب يناديانا 
سنتناول إفطارنا بين الخضرة 
و عشائنا على يخت فى بحيرة 
لا تصرخى مجدداً ، ستأتين معى 
ستوافقين ، 
حبنا وطن يستحيل التبرء منه 
حبنا وطن ، و قوميتنا له إجبارية 
فلنهرب ، لم يعد للبقاء فائدة !
(هى)
عزيزى الهارب 
الباحث عن الحرية الزائفة 
فى بلاد انتشرت فيها الفاحشة 
ثورة الضباط جعلت منا أحراراً 
و الآن حان موعد آذان الفجر 
فجر لطالما انتظرنا بزوغه من الأفق 
نحن أسرة إلى بيتها تنتمى 
ألن تفتقد فنجان الشاى فى البلكونة 
و أطفال الجيران و هم يلعبون الكرة ؟
و فول بالزبدة و آخر بالزيت 
و ذرة من على الكورنيش 
من سيعطيك ملبس السبوع ؟
سنطبق نظام الإشتراكية 
فلنحاول القضاء على الأمية 
اذهب أنت إلى حيث تريد 
لن أقف فى طريقك 
و لن أتشبث فى قميصك 
حبنا وطن يصعب التبرأ منه 
حبنا وطن سأتخلى أنا عنه !


ناس عدت من هنا